تحليل سوسيولوجى للقيم المتغيرة فى الريف المصرى

نوع المستند : المقالة الأصلية

المؤلف

مدرس علم النفس والاجتماع - استشاري الصحة النفسية والأسرية

المستخلص

       ثقافة المجتمع الريفى ليست بمعزل عن ثقافة المجتمع كله , لأنها جزء منه ؛ ولذلك تتطلب الثقافة القروية – لكى تدوم وتستمر – إتصالاً مستمراً بمجموع الأفكار التى تبعث من خارجها ؛ لأن حياة القرية – العقلية والدينية والخلقية – ليست كاملة , بل هى ناقصة دائماً حتى أننا إذا نظرنا إلى  الثقافة القروية على أنها أنساق متزامنة فلا يمكن أن نفهما من خلال ما يجرى داخل أذهان القرويين أنفسهم . ومن ثم يجب بحث القرية من خلال التفاعل بين مجتمعنا ومراكز المدينة. ثقافة المجتمع الريفى لها تاريخ ملموس يجب دراسته , وهذا التاريخ ليس محلياً بل هو تاريخ مجتمع , تكون ثقافة القرية إحدى تجلياته المحلية ولذلك علينا – عند دراسة القرية – أن نعتمد على التاريخ والمصادر والوثائق التى قد تكشف عن التطورات أو الأحداث التى تعرضت لها هذه القرية , التى هى جزء لا يتجزأ من مجتمع كبير , له تاريخه واتجاهه المميز . واكدت النتائج أن المجتمع المصرى شهد تغيرات كبيرة فى السنوات الأخيرة فى أواخر القرن العشرين , وبداية القرن الحادى والعشرين . وتأثر الريف المصرى بهذه التغيرات تأثراً كبيراً وواضحاً , خاصة فى المجال الاقتصادى , وفى البناء القيمى والأسرى , بالإضافة إلى  التغيرات فى الجانب المادى للثقافة الريفية , بعد أن شهد الريف المصرى تغيرات تقنية واضحة , أثرت على طابع الحياة الريفية وشمل تغير التقنيات تغير الادوات والاجهزة الكهربائية الموجودة فى مسكن الفلاح , وأدوات العمل الزراعى والميكنة الزراعية , مما أدى إلى  توفير كثير من وقت الفلاح وجهده, فأصبح يفكر الآن فى أشياء جديدة , ويقتنع بأفكار جديدة , ويؤمن بقيم جديدة لم يكن له عهد بها. ويلاحظ أن  القيم الأساسية  وهى التى تدور حولها حياة المجتمع الريفى التقليدى , والتى يعتبر الخروج عليها تهديداً مباشراً لكيان الجماعة ومن ثم يكون هذا النوع ملزماً لجميع أفراد المجتمع . وتدور القيم الأساسية  حول الأرض والأولاد , فالأرض لها قيمة عظمى لأنها "مصدر الحياة " والعمل فيها هو النشاط الأول والقيمة العليا العامة . ولذلك يقاس مركز العائلة بما تملك من أرض ومقدار ما يبذل فيها من عمل , وكلما ازداد انشغال القروى بالعمل الزراعى , ازدادت قيمته فى العائلة وفى مجتمع القرية بأسرة . أما الأولاد فإنهم يمثلون القدرة الإنتاجية والقوة  الاجتماعية  على السواء . ولهذا يحرص القروى أن يكون له أكبر عدد ممكن من الأولاد الذكور خاصة . ولهذا ترتفع قيمة المرأة " الولود " التى تنجب ذكوراً أكثر مما تنجب أناثاً . كما أن قيمة "الدين " كانت هى القيمة الأعلى فى مواصفات الزوجة التى ارتبط بها رب الأسرة , حيث كانت صفة " التدين والورع" هى الصفة الأولى المرغوب فيها , ويليها " الاصل " . أما فى المجتمع الحديث  قد طرأت تغيرات مجتمعية حديثة أدت إلى  تغير نظر الريفى إلى  حد ما حول الارتباط بالأرض وجعلته يهتم بتعليم أولاده كما حدثت تغيرات قيمية جعلته يتبنى ما هو مستحدث من أساليب ووسائل تكنولوجية عصرية فأصبح الريفى الآن يحمل معه التليفون المحمول وربما قد يذهب إلى  الحقل أحياناً بسيارته , ويستخدم الأساليب التكنولوجية الحديثة فى عمليات الحصاد وغيرها من العمليات الزراعية .   أى أنه لم يعد العمل الزراعى يمثل نفس المكانة التى احتلها خلال فترات سابقة . وجاء التغير فى جانب كبير منه نتيجة للمشاكل المرتبطة بظروف العمل الزراعى وأوضاعة الراهنة فى القرية المصرية وإلى  انتشار التعليم بالإضافة إلى  عامل الهجرة الخارجية . ومنذ عام 1952 وحتى الآن حدثت العديد من التغيرات فى الوضع الاجتماعى والاقتصادى  للمرأة , و يوجد متغيرات هامة ينبغى أن تؤخذ فى الاعتبار وهى , أن معظم ملامح التغير قد آثرت فى المرأة الحضرية أكثر من المرأة الريفية ونساء الطبقة العليا والوسطى أكثر من الطبقة الدنيا . ولذلك  لفتت ظاهرة التغير الاجتماعى فى المجتمعات القروية اهتمام الباحثين , فنجد بعضاً منهم يفردون دراسات كاملة على التغير الاجتماعى , بينما يتناول البعض ظاهرة التغير تناولاً ضمنياً . ولقد أثير فى هذا المجال من الدراسات جدل كبير حول أسباب هذا التغير وطبيعته , فبينما نجد غالبية الباحثين يرجعون التغير الحادث فى المجتمع القروى إلى  الصلات الواسعة والعميقة والتى أصبحت تربط القرية بالمدينة , أو بالمراكز الحضرية القريبة , نجد البعض الاخر يرى أن عوامل التغير أنما هى عوامل داخلية أساساً وما العوامل الخارجية الا عوامل مساعدة أو معجلة .